قصيدة الهمزية للإمام البوصيري

كَيْفَ تَرْقَى رُقِيَّكَ الأَنْبِيَاءُ
| يَا سَمَاءً مَا طَاوَلَتْهَا سمَاءُ |
لَمْ يُسَاوُوكَ فِي عُلاَكَ وَقَدْحَا
| لَ سَنىً مِنْكَ دُونَهُمْ وَسَنَاءُ |
| إِنَّمَا مَثَّلُوا صِفَاتِكَ لِلنَّا | سِ كَمَا مَثَّلَ النُّجُومَ الْمَاءُ |
| أَنْتَ مِصْبَاحُ كُلِّ فَضْلٍ فَمَا تَصْ | دُر ُإِلاَّعَنْ ضَوْئِكَ الأَضْواءُ |
| لَكَ ذَاتُ الْعُلُومِ مِنْ عَالِمِ الْغَيْ | بِ وَمِنْهََا لآدَمَ الأَسْمَاءُ |
| لَمْ تَزَلْ فِي ضَمَائِر ِالْكَوْنِ تُخْتَا | رُ لَكَ الأُمَّهَاتُ وَالآبَاءُ |
| مَامَضَتْ فَتْرَةٌ مَنَ الرُّسْل إَلاَّ | بَشَّرَتْ قَوْمَهَا بِكَ الأَنْبِيَاءُ |
| تَتَبَاهَى بِكَ الْعُصُورُوَتَسْمُو | بِكَ عَلْيَاءُ بَعْدَهَا عَلْيَاءُ |
| وَبَدَا لِلْوُجُودِ مِنكَ كَرِيمٌ | مِنْ كَرِيمٍ آبَاؤُهُ كُرَمَاءُ |
| نَسَبٌ تَحْسِبُ الْعُلاَ بِحُلاَهُ | قَلَّدَتْهَا نُجَومَهَا الْجَوْزَاءُ |
| حَبَّذَا عِقْدُ سُؤْدَدٍ وَفَخَارٍ | أَنْتَ فِيهِ الْيَتِيمَةُ الْعَصْمََاءُ |
| وَمُحَيّاً كَالشَّمْسِ مِنْكَ مُضِيءٌ | أَسْفَرَتْ عَنْهُ لَيْلَةٌٌ غَرَّاءُ |
| لَيْلَةُ الْمَوْلِدِ الذِي كَانَ لِلدِّي | نِ سُرُورٌ بِيَوْمِهِ وَازْدِهَاءُ |
| وَتَوَالَتْ بُشْرَى الْهَوَاتِفِ أَنْ قَدْ | وُلِدَالْمُصْطَفَى وَحَقَّ الْهَنَاءُ |
| وَتَدَاعَى إِيوَانُ كِسْرَى وَلَولاَ | آيَةٌ مِنْكَ مَا تَدَاعَى الْبِنَاءُ |
| وَغَدَا كُلُّ بَيْتِ نَارٍ وَفِيهِ | كُرْبَةٌ مِنْ خُمُودِهَا وَبَلاَءُ |
| وَعُيُونٌ لِلْفُرْسِ غَارَتْ فَهَلْ كَا | نَ لِنِيرَانِهِمْ بِهَا إِطْفَاءُ |
| مَوْلِدٌ كَانَ مِنْهُ فِي طَالِعِ الْكُفْ | رِ وَبَالٌ عَلَيْهِمُ وَوَبَاءُ |
| فَهَنِيئاً بِهِ لآمِنَةَ الْفَضْ | لُ الذِي شُرِّفَتْ بِهِ حَوَّاءُ |
| مَنْ لِحَوَّاءَ أَنَّهَاحَمَلَتْ أَحْ | مَدَ أَوْ أَنَّهَا بِهِ نُفَسَاءُ |
| يَوْمَ نَالَتْ بِوَضْعِهِ ابْنَةُ وَهْبٍ | مِنْ فَخَار ٍمَالَمْ تَنَلْهُ النِّسَاءُ |
| وَأَتَتْ قَوْمَهَا بِأَفْضَلَ مِمَّا | حَمَلَتْ قَبْلُ مَرْيَمُ الْعَذْرَاءُ |
| شَمَّتَتْهُ الأَمْلاَكُ إِذْ وَضَعَتْهُ | وَشَفَتْنَا بِقَولِهَا الشَّفَّاءُ |
| رَافِعاًرَأْسَهُ وَفِي ذَلِكَ الرَّفْ | عِ إِلَى كُلِّ سُؤْدَدٍ إِيمَاءُ |
| رَامِقاًطَرْفُهُ السَّمَاءَ وَمَرْمَى | عَيْنِ مَنْ شَأْنُهُ الْعُلُوُّ الْعَلاَءُ |
| وَتَدَلَّتْ زُهْرُ النُّجُومِ إَلَيْهِ | فَأَضَاءَتْ بِضَوْئِهَاالأَرْجَاءُ |
| وَتَرَاءتْ قُصِورُ قَيْصَرَ بالرُّو | مِ يَرَاهَامَنْ دَارُهُ الْبَطْحَاءُ |
| وَبَدَتْ فِي رَضَاعِهِ مُعْجِزِاتٌ | لَيْسَ فِيهَاعَنِ الْعُيُونِ خَفَاءُ |
| إِذْ أَبَتْهُ لِيُتْمِهِ مُرْضِعَاتٌ | قُلْنَ مَافِي الْيَتِيمِ عَنَّا غَنَاءُ |
| فَأَتَتْهُ مِنْ آلِ سَعْدٍ فَتَاةٌ | قَدْ أَبَتْهَا لِفَقْرِهَا الرُّضَعَاءُ |
| أَرْضًَعَتْهُ لِبَانَهَا فَسَقَتْهَا | وَبَنِيهَا أَلْبَانهُنَّ الشَّاءُ |
| أَصْبَحَتْ شُوَلاًعِجَافاًوَأِمْسَتْ | مَا بِهَا شَائِلٌ وَلاَ عَجْفَاءُ |
| أَخْصَبَ الْعَيْشُ عِنْدَهَابَعْدَمَحْلٍ | إِذْ غَدَا لِلنَّبِيِّ مِنْهَا غِذَاءُ |
| يَا لَهَامِنَّةٌ لَقَدْ ضُوعِفَ الأَجْ | رُعَلَيْهَامِنْ جِنْسَهَاوَالْجَزَاءُ |
| وَإِذَا سَخَّرَ الإِلَهُ أُنَاساً | لَسَعِيدٍ فَإِنَّهُمْ سُعَدَاءُ |
| حَبَّةٌ أَنْبَتَتْ سَنَابِلَ وَالْعَصْ | فُ لَدَيْهِ يَسْتَشْرِفُ الضُّعَفَاءُ |
| وَأَتَتْ جَدَّهُ وَقَدْ فَصَلَتْهُ | وَبِهَا مِنْ فِصَالِهِ الْبُرَحَاءُ |
| إِذْ أَحَاطَتْ بِهِ مَلاَئِكَةُ الل | هِ فَظَنَّتْ بِأَنَّهُمْ قُرَنَاءُ |
| وَرَأَى وَجْدَهَابِهِ وَمِنَ الْوَجْ | دِلَهِيبٌ تَصْلَى بِهِ الأُحْشَاءُ |
| فَارَقَتْهُ كَرْهاً وَكَانَ لَدَيْهَا | ثَاوِياً لاَ يُمَلُّ مَنْهُ الثَّوَاءُ |
| شُقَّ عَنْ قَلْبِهِ وَأُخْرَجَ مِنْهُ | مُضْغَةٌ عِنْدَ غَسْلِهِ سَوْدَاءُ |
| خَتَمَتْهُ يُمْنَى الأَمِينِ وَقَدْ أُو | دِعَ مَا لُمْ تُذَعْ لَهُ أَنْبَاءُ |
| صَانَ أَسْرَارَهُ الْخِتَامُ فَلاَ الْفَ | ضُّ مُلِمٌّ بِهِ وَلاَ الإِفْضَاءُ |
| أَلِفَ النُّسْكَ وَالْعِبَادَةَ وَالْخَلْ | وَةَ طِفْلاً وَهَكَذَا النُّجَبَاءُ |
| وَإِذَا حَلَّتِ الْهِدَايَةُ قَلْباً | نَشِطَتْ لِلْعِبَادَةِ الأَعْضَاءُ |
| بَعَثَ اللهُ عِنْدَ مَبْعَثِهِ الشُّهْ | بَ حِرَاساًوَضَاقَ عَنْهَاالْفَضَاءُ |
| تَطْرُدُ الْجِنَّ عَنْ مَقَاعِد َللسَّمْ | عِ كَمَا تَطْرُدُ الذِّئَابَ الرِّعَاءُ |
| فَمَحَتْ آيَةَ الْكَهَانَةِ آيَا | تٌ مِنَ الْوَحْيِ مَالَهُنَّ انْمِحَاءُ |
| وَرَأَتْهُ خَدِيجَةٌ وَالتُّقَى وَال | زُّهْدُ فِيهِ سَجِيَّةٌ وَالْحَيَاءُ |
| وَأَتَاهَا أَنَّ الْغَمَامَةَ وَالسَّرْ | حَ أَظَلَّتْهُ مِنْهُمَا أَفْيَاءُ |
| وَأَحَادِيثُ أَنَّ وَعْدَ رَسُولِ | اللهِ بِالْبَعْثِ حَانَ مِنْهُ الْوَفَاءُ |
| فَدَعَتْهُ إِلَى الزَوَاجِ وَمَا أَحْ | سَنَ مَايَبْلُغُ الْمُنَى الأَذْكِيَاءُ |
| وَأَتَاهُ فِي بَيْتِهَا جَبْرَئِيلُ | وَلِذِي اللُّبِّ فِي الأُمُورِ ارْتِيَاءُ |
| فَأَمَاطَتْ عَنْهَاالْخِمارَلِتَدْرِي | أَهُوَ الْوَحْيُ أَمْ هُوَ الإِغْمَاءُ |
| فَاخْتَفَى عِنْدَكَشْفِهَا الرَّأْسَ جِبْرِي | لُ فَمَاعَادَ أَوْ أُعِيدَ الغِطَاءُ |
| فَاسْتَبَانَتْ خَدِيجَةٌ أَنَّهُ الْكَنْ | الذِي حَاوَلَتْهُ وَالكِيمْيَاءُ |
| ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ يَدْعُو إِلَى اللَّه | وَفِي الْكُفْرِ نَجْدةٌ وَإِبَاءُ |
| أُمَماً أُشْرِبَتْ قُلُوبُهُمُ الْكُفْ | رِ فَدَاءُ الضّلاَلِ فِيهِْ عَيَاءُ |
| وَرَأَيْنَا آيَاتِه فَاهْتَديْنَا | وَإِذَا الْحَقُّ جَاءَزَالَ الْمِرَاءُ |
| رَبِّ إِنَّ الْهُدَى هُدَاكَ وَآيَا | نُورٌ تَهْدِي بِهَا مَنْ تَشَاءُ |
| كَمْ رَأَيْنَامَالَيْسَ يَعْقِلُ قَدْ أُلْْ | هِمَ مَا لَيْسَ يُلْهَمُ الْعُقَلاَءُ |
| إِذْ أَبَى الْفِيلُ مَاأَتَى صَاحِبُ الْفِي | لِ وَلَمْ يَنْفَعِ الْحِجَاوالذَّكَاءُ |
| والْجَمَادَاتُ أَفْصَحَتْ بِالذِي أُخْ | رِسَ عَنْهُ لأَحْمَدَالْفُصَحَاءُ |
| وَيْحَ قَوْمٍ جَفَوْا نَبِيّاً بِأَرْضٍ | أَلِفَتْهُ ضِبَابُهَا وَالظِّبَاءُ |
| وَسَلَوْهُ وَحَنَّ جِذْعٌ إِلَيْهِ | وَقَلَوْهُ وَوَدَّهُ الْغُرَباءُ |
| أخْرَجُوهُ مِنْهَا وَآوَاهُ غَارٌ | وَحَمَتْهُ حَمَامَةٌ وَرْقَاءُ |
| وَكَفَتْهُ بِنَسْجِهَا عَنْكَبُوتٌ | مَاكَفَتْهُ الْحَمَامَةُ الْحَصْدَاءُ |
| وَاخْتَفَى مِنْهُمُ عَلَى قُرْبِ مَرآ | هُ وَمِنْ شِدَّةِ الظُّهُورِالْخَفَاءُ |
| وَنَحَاالْمُصْطَفَى الْمَدِينَةَ وَاشْتَا | قَتْ إِلَيْهِ مِنْ مَكَّةَ الأَنْحَاءُ |
| وَتَغَنَّتْ بِمَدْحِهِ الْجِنُّ حَتَّى | أَطْرَبَ الإِنْسَ مِنْهُ ذَاكَ الْغِنَاءُ |
| واقْتَفَى إِثْرَهُ سُرَاقَةُ فَاسْتَهْ | وَتْهُ فِي الأَرْضِ صَافِنٌ جَرْدَاءُ |
| ثُمَّ نَادَاهُ بَعْدَمَا سِيمَتِ الْخَسْ | فَ وَقَدْ يُنْجِدُ الْغَرِيقَ النِّدَاءُ |
| فَطَوَى الأَرْضَ سَائِراً والسَّمَوَا | تُ العُلاَ فَوْقَهَا لَهُ إِسْرَاءُ |
| فَصِفِ اللَّيْلَةَ التِي كَانَ لِلْمُخْ | تَارِ فِيهَا عَلَى البُرَاقِ اسْتِوَاءُ |
| وَتَرَقَّى بِهِ إِلَى قَابِ قَوْسَيْ | نِ وَتِلْكَ السِّيَّادَةُ الْقَعْسَاءُ |
| وَتَلَقَّى مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ | كُلَّ شَمْسٍ مِنْ دُونِهِنَّ هَبَاءُ |
| زَاخِرَاتِ البِحَارِ تَعْجَزُ عَنْ إِدْ | رَاكِهَا الْعُلَمَاءُ وَالْحُكَمَاءُ |
| رُتَبٌ تَسْقُطُ الأَمَانِيُّ حَسْرَى | دُونَهَا مَا وَرَاءَهُنَّ وَرَاءُ |
| ثُمَّ وَافَى يُحَدِّثُ الّنَّاسَ شُكْراً | إِِذْ أَتَتْهُ مِنْ رَبّهِ النَّعْمَاءُ |
| وَتَحَدَّى فَارْتَابَ كُلُّ مُرِيبٍ | أَوَ يَبْقَى مَعَ السُّيُولِ الْغُثَاءُ |
| وَهْوَ يَدْعُو إلى الإِلَهِ وَإنْ شَ | قَّ عَلَيْهِ كُفْرٌ بِهِ وَازْدِرَاءُ |
| وَيَدُلُّ الْوَرَى عَلَى اللهِ بِالتّوْ | حِيدِ وَهْوَ الْمَحَجَّةُ الْبَيْضَاءُ |
| فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ الله لاَنَتِْ | صَخْرَةٌ مِنْ إِبَائِهِمْ صَمَّاءُ |
| وَاسْتَجَابَتْ لَهُ بِنَصْرٍ وَفَتْحٍ | بَعْدَ ذَاكَ الْخَضْرَاءُ وَالْغَبْرَاءُ |
| وَأَطَاعَتْ لأَمْرِهِ الْعَرَبُ الْعَرْ | بَاءُ والْجَاهِلِيَّةُ الجَهْلاَءُ |
| وَتَوَالَتْ لِلْمُصْطَفَى الآيَةُ الْكُبْ | رَى عَلَيْهِمْ وَالْغَارَةُ الشَّعْوَاءُ |
| وَإِذَا مَا تَلاَ كِتَاباً مِنَ الله | تَلَتْهُ كَتِيبَةٌ خَضْرَاءُ |
| وَكَفَاهُ الْمُسْتَهْزِئِينَ وَكَمْ سَا | ءَ نَبِيّاً مِنْ قَوْمِهِ اسْتِهْزَاءُ |
| وَرَمَاهُمْ بِدَعْوَةٍ مِنْ فِنَاءِ | الْبَيْتِ فِيهَا لِلظَّالِمِينَ فَنَاءُ |
| خَمْسَةٌ كُلُّهُمْ أُصِيبُوا بِدَاءٍ | والرَّدَى مِنْ جُنُودِهِ الأَدْوَاءُ |
| فَدَهَى الأَسْوَدَ بْنَ مُطَّلِبٍ أَيُّ | عَمىً مَيِّتٌ بِهِ الأَحْيَاءُ |
| وَدَهَى الأَسْوَدَ بْنَ عَبْدِ يَغُوثٍ | أَنْ سَقَاهُ كَأْسَ الرَّدَى اسْتِسْقَاءُ |
| وَأصَابَ الْوَلِيدَ خَدْشَةُ سَهْمٍ | قَصَّرَتْ عَنْهَا الْحَيَّةُ الرَّقْطَاءُ |
| وَقَضَتْ شَوْكَةٌ عَلَى مُهْجَةِ الْعَا | صِي فَلِلَّهِ النَّقْعَةُ الشَّوْكَاءُ |
| وعَلَى الحارِثِ الْقُيُوحُ وَقَدْ سَا | لَ بِهَا رَأْسُهُ وَسَاءَ الْوِعَاءُ |
| خَمْسَةٌ طُهِرَتْ بِقَطْعِهِمُ الأَرْ | ضُ فَكَفُّ الأَذَى بِهِمْ شَلاَّءُ |
| فُدِيَتْ خَمْسَةُ الَّصّحِيفَةِ بِالْخَمْ | ةِ إِنْ كَانَ لِلْكِرَامِ فِدَاءُ |
| يَالَ أَمْرٍ أَتَاهُ بََعْدَ هِشَامٍ | زَمْعَةٌ إنَّهُ الْفَتَى الأَتَّاءُ |
| وَزُهَيرٌ والْمُطْعِمُ بْنُ عَديٍّ | وَأَبُو الْبُحْتُرِيِّ مِنْ حَيْثُ شَاءُوا |
| نَقَضُوا مُبْرَمَ الصَّحِيفَةِ إِذْ شَ | دَّتْ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعِدَا الأَنْدَاءُ |
| أَذْكَرَتْنَا بِأَكْلِهَا أَكْلَ مِنْسَا | ةِ سُلَيْمَانَ الأَرْضَةُ الْخَرْسَاءُ |
| وَبِهَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ وَكَمْ أَخْ | رَجَ خَبْئاً لَهُ الغُيُوبُ خِبَاءُ |
| لاَ تَخَلْ جَانِبَ النَّبِيِّ مُضَاماً | حِينَ مَسَّتْهُ مِنْهُمُ الأَسْوَاءُ |
| كُلُّ أَمْرٍ نَابَ النَّبِيئِينَ فَالشِّ | دَّةُ فِيهِ مَحْمُودَةٌ وَالرَّخَاءُ |
| لَوْ يَمَسُّ النُّظَارَ هَوْنٌ مِنَ النَّا | رِ لَمَا اخْتِيرَ للِنُّظَارِ الصِّلاَءُ |
| كَمْ يَدٍ عَنْ نَبِيِّهِ كَفَّهَا الله | وَفِي الْكُفْرِ نَجْدَةٌ وإِبَاءُ |
| إِذْ دَعَا وَحْدَهُ الْعِبَادَ وَأَمْسَتْ | مِنْهُ فِي كُلِّ مُقْلَةٍ أَقْذَاءُ |
| هَمَّ قَوْمٌ بِقَتْلِهِ فَأَبَى السَّيْ | فُ وَفَاءً وَفَاءَتِ الصَّفْوَاءُ |
| وَأَبُو جَهْلٍ إذْ رَأَى عُنُقَ الْفَحْ | لِ إِلَيْهِ كَأَنَّهُ الْعَنْقَاءُ |
| وَاقْتَضَاهُ النَّبِيُّ دَيْنَ الأَرَاشِ | يِّ وَقَدْ سَاءَ بَيْعُهُ وَالشِّرَاءُ |
| وَرَأَى الْمُصْطَفَى أَتَاهُ بِمَا لَمْ | يُنْجِ مِنْهُ دُونَ الْوَفَاءِ النَّجَاءُ |
| هُوَ مَا قَدْ رَآهُ مِنْ قَبْلُ لَكِنْ | مَا عَلَى مِثْلِهِ يُعَدُّ الْخَطَاءُ |
| وَأَعَدَّتْ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ الْفِهْ | رَ وَجَاءَتْ كَأَنَّهَا الْعَنْقَاءُ |
| يَوْمَ جَاءَتْ غَضْبَى تَقولُ أَفِي مِثْ | لِيَ مِنْ أَحْمَدٍ يُقَالُ الهِجَاءُ |
| وَتَوَلَّتْ وَمَا رَأَتْهُ وَمِنْ أَيْ | نَ تَرَى الشَّمْسَ مُقْلَةٌ عَمْيَاءُ |
| ثُمَّ سَمَّتْ لَهُ الْيَهُودِيَةَ الشَّا | ةَ وَكَمْ سَامَ الشِّقْوَةَ الأَشْقِيَاءُ |
| فَأَذَاعَ الذِّرَاعُ مَا فِيهِ مِنْ سُ | مٍّ بِنُطْقٍ إِخْفَاؤُهُ إِبْدَاءُ |
| وَبِخُلْقٍ مِنَ النَّبِيِّ كَرِيمٍ | لَمْ تُقَاصَصْ بِجَرْحِهَا الْعَجْمَاءُ |
| مَنَّ فَضْلاً عَلَى هَوَازِنَ إِذْ كَا | نَ لَهُ قَبْلَ ذَاكَ فِيهِمْ رَبَاءُ |
| وَأَتَى السَّبْيُ فِيهِ أُخْتُ رَضَاعٍ | وَضَعَ الْكُفْرُ قَدْرَهَا والسِّبَاءُ |
| فَحَبَاهَا بِرّاً تَوَهَّمَتِ النَّا | سُ بِهِ أَنَّمَا السِّبَاءُ هِدَاءُ |
| بَسَطَ المُصْطَفَى لَهَا مِنْ رِدَاءٍ | أَيُّ فَضْلٍ حَوَاهُ ذَاكَ الرّدَاءُ |
| فَغَدَتْ فِيهِ وَهْيَ سَيِّدَةُ النِّسْ | وَةِ وَالسَّيِّدَاتُ فِيهِ إِمَاءُ |
| فَتَنَزَّهْ فِي ذَاتِهِ وَمَعَانِي | هِ اجْتِلاَءً إِنْ عَزَّ مِنْهَا اجْتِلاءُ |
| وَامْلإِ السَّمْعَ مِنْ مَحَاسِنَ يُمْلِي | هَا عَلَيْكَ الإِنْشَادُ وَالإِنشَاءُ |
| كُلُّ وَصْفٍ لَهُ ابْتَدَأْتُ بِهِ اسْتَوْ | عَبَ أَخْبَارَ الْفَضْلِ مِنْهُ ابْتِدَاءُ |
| سَيِّدٌ ضِحْكُهُ التَّبَسُّمُ والْمَشْ | يُ الْهُوَيْنَا وَنَوْمُهُ الإِغْفَاءُ |
| مَا سِوَى خُلْقِهِ النَّسِيمُ وَلاَغَيْ | رِ مُحَيَّاهُ الرَّوْضَةِ الْغَنّاءُ |
| رَحْمَةٌ كُلُّهُ وَحَزْمٌ وَعَزْمٌ | وَوَقَارٌ وَعِصْمَةٌ وَحَيَاءُ |
| لاَتَحُلُّ الْبَأْسَاءُ مِنْهُ عُرَى الصَّبْ | رِ وَلاَ تَسْتَخِفُّهُ السَّرَّاءُ |
| كَرُمَتْ نَفْسُهُ فَمَا يَخْطُرُ السُّو | ءُ عَلَى قَلْبِهِ وَلاَ الْفَحْشَاءُ |
| عَظُمَتْ نِعْمَةُ الإِلَهِ عَلَيْهِ | فَاسْتُقِلَّتْ لِذِكْرِهِ الْعُظَمَاءُ |
| جَهِلَتْ قَوْمُهُ عَلَيْهِ فَأَغْضَى | وَأَخُو الحِلْمِ دَأْبُهُ الإِغْضَاءُ |
| وَسِعَ الْعَالَمِينَ عِلْماً وَحِلْماَ | فَهْوَ بَحْرٌ لَمْ تُعْيِهِ الأَعْبَاءُ |
| مُسْتَقِلٌ دُنْيَاكَ أَنْ يُنْسَبَ الإِمْ | سَاكُ مِنْهَا إِلَيْهِ والإِعْطَاءُ |
| شَمْسُ فَضْلٍ تَحَقَّقَ الظَّنُّ فِيهِ | أَنَّهُ الشَّمْسُ رِفْعَةً وَالضِّيَاءُ |
| فَإِذَا مَا ضَحَا مَحَى نُورُهُ الظِّ | لَّ وَقَدْ أَثْبَتَ الظّلاَلَ الضَّحَاءُ |
| فَكَأَنَّ الْغَمَامَةَ اسْتَوْدَعَتْهُ | مَنْ أَظَلَّتْ مِنْ ظِلِّهِ الدُّفَفَاءُ |
| خَفِيَتْ عِنْدَهُ الْفَضَائِلُ وَانْجَا | بَتْ بِهِ عَنْ عُيُونِنَا الأَهْوَاءُ |
| أَمَعَ الصُّبْحِ لِلنُّجُومِ تَجَلٍّ | أَمْ مَعَ الشَّمْسِ لِلظَّلاَمِ بَقَاءُ |
| مُعْجِزُ الْقَوْلِ وَالْفِعَالِ كَرِيمُ | الْخَلْ
قِ وَالْخُلْقِ مُقْسِطٌ مِعْطَاءُ
|
| لاَ تَقِسْ بِالنَّبِيِّ فِي الْفَضْلِ خَلْقاً | فَهُوَ الْبَحْرُ وَالأَنَامُ إِضَاءُ |
| كُلُّ فَضْلٍ فِي الْعَالَمِينَ فَمِنْ فَضْ | لِ النَّبِيِّ اسْتَعَارَهُ الْفُضَلاَءُ |
| شُقَّ عَنْ صَدْرِهِ وَشُقَّ لَهُ الْبَدْ | رُ وَمِنْْ شَرْطِ كُلِّ شَرْطٍ جَزَاءُ |